للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) [غافر: ٢٨] وهكذا استمر الصراع بين الحق والباطل واستمر الولاء والعداء، تتقاذفه الأعراف، وتكيفه المفاهيم، حتى نصل إلى العرب قبل الإسلام، فنجد أنهم لا يختلفون عن أي مجتمع جاهلي، سبقهم أو لحقهم، في سوء التصور، وفساد الاعتقاد بالموالاة والمعاداة حتى وصل بهم الأمر إلى أن يعادي الإنسان منهم ابنته، فلذة كبده، فيقتلها موالاة للعرف الجاهلي، ولكسب رضا العشيرة والقبيلة، وخوفا من شماتتها وعدائها، فقد روي أن رجلا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يزال مغتما بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مالك تكون محزونا؟» فقال: يا رسول الله، إني أذنبت ذنبا في الجاهلية فأخاف ألا يغفره الله لي وإن أسلمت، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أخبرني عن ذنبك؟» فقال: يا رسول الله أني كنت من الذين يقتلون بناتهم، فولدت لي بنتا فشفعت إلي أمها أن أتركها حتى كبرت وأدركت وصارت من أجمل النساء، فخطبها الناس، فدخلتني الغيرة والحمية ولم يحتمل قلبي أن أزوجها، أو أتركها في البيت بغير زوج فقلت لامرأتي أني أريد أن أذهب إلى قبيلة كذا وكذا في زيارة أقربائي فابعثيها معي، فسرت بذلك وزينتها بأجمل الثياب والحلي، وأخذت علي المواثيق بألا أخونها فذهبت بها إلى رأس بئر بحجة أن نرتوي منه فلما وصلنا نظرت إلى البئر ففطنت البنت أني أريد أن ألقيها في البئر، فالتزمتني وجعلت تبكي وتقول: يا أبت أي شيء تريد أن تفعل بي، فرحمتها، ثم نظرت في البئر فدخلت علي الحمية، ثم التزمتني وجعلت تقول: يا أبت لا تضيع أمانة أمي، فجعلت مرة أنظر في البئر فأهم بإلقائها ومرة انظر إليها فأرحمها، حتى غلبني الشيطان فأخذتها وألقيتها في البئر، وهي تنادي قتلتني يا أبي، فمكثت غير

<<  <  ج: ص:  >  >>