للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن من لا يبغض خلفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووزراءه الثلاثة ومحبيه. ولا يطعن فيهم فليس بشيعي (١).

والشيعة ليس كلهم يقدمون على هذا المبدأ عن عناد، وقصد، وكره للإسلام والمسلمين، ولكن ذلك كان من قلة من الزنادقة السابقين الذين تبنوا هذه الأفكار، وروجوها بين الناس، ثم سار على طريقهم من أتى بعدهم تبعية عمياء قال تعالى: في شأن الذين يقلدون غيرهم بلا وعي أو بصيرة: (إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) (٢). فهم يزعمون ذلك وإن كان الواقع أنهم مخطئون، فكثير منهم مجتهدون صادقون مخلصون في حب الإسلام والعمل به، ولكنهم مخطئون للطريق الحق في كثير من مسائل الإيمان، ومثلهم في ذلك كمثل ما رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مر براهب في صومعته، فنودي بالراهب وقيل له: هذا أمير المؤمنين، فاطلع فإذا به إنسان به من الضر والاجتهاد وترك الدنيا الشيء الكثير، فلما رآه عمر بكى فقيل له أنه نصراني، فقال عمر: قد علمت. ولكني رحمته، ذكرت قول الله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً) (٣) فرحمت نصبه واجتهاده وهو في النار (٤). وحال أولئك الذين يقفون من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل هذا الموقف كحال من قال الله فيهم: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (٥) وإلا فكيف يستسيغ مسلم يدعي الإسلام بحق أن يسب صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين قال الله فيهم: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ


(١) الشيعة والسنة/ إحسان إلهي ظهير ص٣٢.
(٢) سورة الزخرف آية (٢٣).
(٣) سورة الغاشية آية (٢، ٣، ٤).
(٤) كنز العمال ج١ ص١٧٥.
(٥) سورة الكهف آية (١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>