للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموت وسريان المرض فيه، وكذلك المجاهدون يستأصلون القوة الفاسدة التي تقف في وجه الحق وتمنع الدعوة والدعاة من أن يبلغوا الناس دين الله كما أنزله الله، ودعا إليه رسوله - صلى الله عليه وسلم - (١).

ولذلك إذا وجد من الكفار من يرغب التعامل مع المسلمين على أساس السلم، وتبادل المنافع والاحترام المتبادل، وإطلاق حرية الدعوة إلى الله بين أفرادهم وداخل مجتمعاتهم وأن يقفوا موقف الحياد في قتال المسلمين عدوًا ذا شوكة، فإن الأدلة الشرعية تقرر وجوب مسالمتهم، ما دامت حرية الدعوة إلى الإسلام مكفولة، فليس هناك حاجة إلى الحرب أو القتال، حيث إن الإسلام لا يريد أن يكره الناس أن يكونوا معه، ولكنه لا يسمح لهم أن يقفوا ضده، أو يحاربوه بأية وسيلة من وسائل الحرب المتعددة، فهو لا يعتبر كل من ليس معه عدوا له تجب محاربته والقضاء عليه، كما هو منهج المبادئ الوضعية، والقوانين الجاهلية، بل يحمل هؤلاء الذين يقفون من الإسلام موقف الحياد، بأنهم أناس يجهلون حقيقة الإسلام ومميزاته العظام، فهو يرجو من هؤلاء المحايدين أن ينحازوا إلى الإسلام، حينما تزول الملابسات والتصورات التي تمنعهم من الدخول فيه وقد حصل هذا بالفعل في بلاد النوبة (٢) وغيرها من بلاد المسلمين.

قال تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا) (٣) وهذه الآية من الآيات المحكمة التي لم يتطرق إليها النسخ (٤) وهي تعني أن الله أوجب مسالمة من يقف من


(١) انظر النظم الدولية في القانون والشريعة. د/ عبد الحميد الحاج ص١٤١ - ١٤٧.
(٢) النوبة منطقة ممتدة على شاطئ النيل من أسوان جنوب مصر حتى دنقلة في السودان. انظر ذلك في الموسوعة العربية/ محمد شفيق غربال، م٢ ص١٨٥١.
(٣) سورة النساء آية (٩٠).
(٤) انظر الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس ص١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>