للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام في إظهارهم الموافقة للكفار خوفًا منهم من غير إكراه فعلي على الموافقة، أو طمعًا في مال أو منصب أو جاه وهم يظنون أنهم لا يكفرون بذلك، إذا كان القلب كارهًا لهم، ويستدلون على ذلك بدعوى الإكراه وبقوله تعالى: (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) (١) ولكن الصحيح أن للتقية عند العلماء شروطًا منها:

١ - أن يكون الرجل في قوم كفار يخاف منهم على نفسه وأهله فيجوز له أن يظهر المحبة والموالاة بشرط أن يضمر خلاف ما يظهر لهم وبأن يعرض في كلامه ما أمكن وعلى هذا فالتقية تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلب.

٢ - أن التقية رخصة فلو تركها وصبر على ما يناله في سبيل الله كان أفضل مثل ما حصل من بعض الصحابة (٢) (رضي الله عنهم) فيما فصلنا في موضوع الإكراه سابقًا.

والقول بكفر من والى الكفار أو رضي عنهم أو أعانهم على كفرهم ليس جدلاً كلاميًا دخل على المسلمين في وقت عزهم وازدهار دولتهم كما يعتقد البعض، ولكن ذلك أصل من أصول الإسلام ومبانيه العظام، وقد ذكرنا من الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة ما فيه الكفاية لمن وفقه الله

وهداه، وبهذا الأصل تحدث أئمة الدعوة وشيوخ الإسلام فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يرى عدم تكفير المعين للكفار والراضي عنهم والموالي لهم

ابتداء بل لا بد من إقامة الحجة عليه، نظرًا لغلبة الجهل وقلة العلم

بأوامر الرسالة في كثير من المتأخرين ولذلك لا يجوز تكفيرهم بذلك

حتى يبين لهم ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - مما يخالف أقوالهم وأعمالهم، وهذا ما سار


(١) سورة آل عمران آية (٢٨).
(٢) انظر حاشية تفسير الطبري غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد القمي على جامع البيان في تفسير القرآن للطبري ج٣ ص١٧٨ - ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>