للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأهله، وحربًا للحق وأصحابه، ومع كل هذا الإجرام ينظرون إلى أنفسهم وينظر البعض إليهم أنهم من عداد المسلمين الصالحين. ولهذه الفئة نظائر في حياة الرسل والدعاة إلى الله في كل زمان ومكان، فأهل النفاق موجودون قديما وحديثا، وهم أول من يسير على هذا الخط المنحرف، ثم يتبعهم الدهماء من الناس إن لم يجدوا من يرشدهم أو يوجههم إلى الحق من عالم عامل بعلمه، أو صاحب حكم عادل في حكمه، والله عز وجل يبتلي الناس في مثل هذه الأحوال، ليرى وهو العالم بكل شيء، من يقدم موالاته على موالاة الكفار والمرتدي، ومحبته على محبتهم فيرفع من استغنى بمحبة الله عن محبة أعدائه إلى الدرجات العالية، ويخفض من تعلق قلبه بمحبة غير الله إلى قاع الهاوية وشفير جهنم وقد انقسم الناس في هذا الزمان في تعاملهم مع الكفار إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: قسم ناصر لدين الله مجاهد في سبيل الله موال لأوليائه، معاد لأعدائه، وهم القليلون عددا الأعظمون أجرا عند الله.

القسم الثاني: قسم خاذل لأهل الإسلام، تارك لمعونتهم معتزل عن الكفار.

القسم الثالث: قسم خارج عن الإسلام بمظاهرة الكفار وموالاتهم ومناصرتهم بالقول والفعل والاعتقاد، ومعاداة أهل الحق ومحاربتهم (١).

فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أعان صاحب باطل ليدحض بباطله حقًّا فقد برئت منه ذمة الله وذمة نبيه» (٢).

ونظرًا لتداخل أنواع الموالاة التي يحكم على صاحبها بالكفر مع أنواع الموالاة التي يأثم فاعلها بما دون الكفر، تبعًا لاختلاف النية والحال والمحل الذي تحصل به الموالاة للكفار، فقد أجملنا الأدلة الدالة على


(١) انظر مجموعة التوحيد (٢٥٦، ٢٥٧).
(٢) رواه الطبراني عن ابن عباس انظر مجموعة التوحيد (٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>