للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كونها تخرج سافرة متبرجة بزينتها (١). ويضاف إلى تلك الأدلة ما روي أن طلحة بن عبيد الله تزوج بيهودية، وحذيفة بن اليمان تزوج نصرانية فغضب عمر (رضي الله عنه) غضبًا شديدًا للزواج من هؤلاء النسوة الكافرات (٢) ومعلوم يقينًا أن طلحة وحذيفة لن يتزوجا بنساء متبرجات مبتذلات مائلات مميلات غير ملتزمات بمظهر العفة والفضيلة، حتى ولو كن غير مسلمات، لأن من عادة العرب في الجزيرة فيما سبق المحافظة على العرض والعفة والابتعاد عن أسباب الرذيلة واستعظامهم لهذا الأمر حتى وصلت بهم الغيرة على العرض إلى وأد بناتهم قبل بلوغهن سن الرشد.

وبناء على ذلك فليس لأولئك المرتدين أخلاقيًا أي عذر في ترك النساء كاسيات عاريات مائلات مميلات في بلاد المسلمين.

إنه لو كانت هناك دولة إسلامية حقة لما سمحت بانتشار تلك الردة الأخلاقية في ديار المسلمين. ولو كان هناك جمهور مسلم يوالي الإسلام ويعادي أعداءه لما رضي بتلك الردة الأخلاقية ولما استكان بذلة وهوان تحت أقدام المتسلطين، من الكفرة الصرحاء والمنافقين العملاء. إن ما تعج به بلاد المسلمين من تفسخ وعرى وتهتك ومجون أمر لا مبرر له سواء كان الفاعل لذلك كافرة أو مسلمة أو كافرًا أو مسلمًا، لأن الإسلام يحارب الفحشاء والمنكر في دار الإسلام أيا كان مصدرها مسلمًا أو كافرًا، ولكن نظرًا لموالاة كثير من السلطات للكفار بما فيها الموالاة الأخلاقية فقد أصبح المسلم في داره كأنه في دار الكفار لما يرى من مظاهر الكفر التي يندى لها جبين كل مسلم غيور.

فأحكام أهل الكفر تجري بسفحها ... وقانونهم يعلو بها ظاهرًا يبدو (٣)

فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


(١) انظر العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين. د/ بدران أبو العينين بدران ص٤٩.
(٢) انظر تفسير الفخر الرازي ج٦ ص٦١.
(٣) انظر ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان/ سليمان بن سحمان ص٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>