للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبيدة وفعل عمر المتقدمين (١). فقالوا: إن عمر (رضي الله عنه) أجلى أهل الذمة من الحجاز فلحق بعضهم بالشام وبعضهم بالكوفة وأجلى أبو بكر (رضي الله عنه) قومًا فلحقوا بخيبر، فاقتضى ذلك أن المراد بالنهي الحجاز لا غير.

القول الثاني: قول من يرى أنه يجوز أن يسكن في جزيرة العرب مشرك بعد دخولها في الإسلام وجزيرة العرب هي ما سبق أن أشرنا إلى تحديد الخليل بن أحمد والأصمعي لها، وتحديدهما لها لا يختلف عما هو معروف عند علماء هذا الفن في عصرنا الحاضر سوى الاختلاف في اللفظ من جزيرة العرب إلى شبه الجزيرة العربية وعلى هذا فجزيرة العرب أو شبه الجزيرة العربية لا يجوز أن يسكنها مشرك على هذا القول وحجة أهل هذا القول هي ما يلي:

١ - تواتر الأحاديث الدالة على أنه لا يجوز أن يسكن الجزيرة مشرك ولا يجتمع فيها دينان بعد الإسلام وقد تقدمت هذه الأحاديث برواياتها المختلفة.

٢ - إن هذه الأحاديث كما تدل طرق الرواية لها من آخر ما عهد به الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهذه الأمة فلم يأت بعدها أحاديث يمكن أن تنسخ العمل بها أو تخصص مفهومها.

٣ - إن تخصيص الحجاز من الجزيرة العربية إذا كان ذلك لرعاية مصلحة الأمة، فإن المصلحة في إخراجهم من الجزيرة العربية كلها أقوى وأوجب.

٤ - إن حمل الجزيرة على الحجاز إن صح مجازًا من إطلاق اسم الكل وإرادة الجزء فهو معارض بالقلب وهو أن يقال: إن المراد بالحجاز جزيرة


(١) انظر ص٦٦١ - ٦٦٦ من هذه الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>