للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: ذهب كثير من فقهاء البصرة إلى القول بجواز بيع الأرض من المسلم إلى الذمي. قال بذلك أبو حنيفة وأبو يوسف ويروى ذلك عن الحسن بن صالح وأبي عبيد، وهو مذهب الثوري والشافعي (١).

وحجة هؤلاء هو قياس بيع العقار من مساكن ومزارع ونحو ذلك على جواز بيع السوائم، وهو قياس مع الفارق حيث إن السوائم منفعتها وذواتها محدودة الوجود سريعة الانتقال والزوال بخلاف العقار فإن ذاته ومنفعته تبقى مدة طويلة غير محدودة.

والأمر الثاني: أنهم استدلوا بأن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) دفع الأرض المفتوحة عنوة في سواد الكوفة ومصر والشام وخراسان لأهلها بعد تمليكها من قبل الدولة الإسلامية وجاز بيعهم تلك الأرض للمسلمين، فلو لم يكونوا قد ملكوها بوضع اليد عليها لما جاز بيعهم لها (٢).

القول الثاني: وهو قول الإمام مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه وقول عامة أهل الحجاز، ويروى عن ابن القاسم وهو ما ذهب إليه ابن قيم الجوزية، من أنه لا يجوز أن يترك الذمي يشتري أرض المسلم في دار الإسلام من مساكن ومزارع لأن في شرائها ضررًا على المسلمين، حيث إن

الأصل أن يقر أهل الذمة على ما كانوا عليه من غير تعد منهم إلى الاستيلاء فيما ثبت للمسلمين الحق فيه من عقار ونحوه، قال تعالى: (وَأَوْرَثَكُمْ

أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا) (٣) فكيف بعد أن أورثنا

الله أرضهم نرجعها إليهم، ولذلك رجح الشافعي وأبو عبيد وطائفة من


(١) انظر المغني والشرح الكبير ج٢ ص٥٩٣ وانظر أحكام أهل الذمة ج١ ص١٤١ - ١٤٩.
(٢) انظر الخراج في الفقه الإسلامي رسالة ماجستير مقدمة من/ حمود بن مرشد السليمان ص١٦٧.
(٣) سورة الأحزاب آية (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>