للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: ٢١٧] ففي هذه الآية تقرير صادق من العليم الخبير يكشف عن الإصرار الخبيث والعداوة المتأصلة في نفوس أعداء الإسلام، لهذا الدين وأهله، في كل جيل وفي كل أرض.

إن وجود الإسلام بذاته، هو غيظ وكمد ورعب لأعداء الله، وأعداء الجماعة المسلمة في كل حين، فهم يعرفون ما في الإسلام من القوة والنزاهة والعدل بحيث يخشاه كل طاغ، ويرهبه كل باغ، ويكرهه كل مفسد، ذلك أنهم لا يأمنون على باطلهم وبغيهم وفسادهم، وفي الأرذ جماعة مسلمة تؤمن بهذا الدين وتتبع هذا المنهج، وتعيش بهذا النظام المميز الفريد (١)، ولهذا فهم لا يزالون يقاتلون المسلمين حتى يردوهم عن دينهم إن استطاعوا ولم يرخص الله عز وجل في موافقتهم خوفا على النفس والمال، بل أخبر أن من وافقهم، بعد أن قاتلوه ليدفع شرهم، أنه مرتد، فإن مات على ردته بعد أن قاتله المشركون فإنه من أهل النار الخالدين فيها، فكيف حال من وافقهم من غير قتال، ألا يكون أولى بعدم العذر وأولى بحكم الردة والكفر (٢).

الدليل الخامس: قال تعالى: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) [آل عمران: ٢٨] فنهى سبحانه وتعالى المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء وأصدقاء، وأصحابا، من دون المؤمنين، وأخبر أن من فعل ذلك فليس من الله في شيء (٣) قال ابن جرير الطبري (٤) في قوله تعالى: (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ


(١) انظر في ظلال القرآن (٢/ ٣٣٠، ٣٣١).
(٢) انظر مجموعة التوحيد (٢٣٤، ٢٣٥).
(٣) انظر الإيمان أركانه حقيقته نواقضه د/ محمد نعيم ياسين (١٨٣).
(٤) هو محمد بن جرير الطبري (أبو جعفر) مفسر، مقرئ، محدث، مؤرخ فقيه
أصولي مجتهد، ولد بآمل طبرستان في آخر سنة (٢٢٤) وطوف الأقاليم في طلب العلم واستوطن بغداد واختار لنفسه مذهبا في الفقه، وتوفي ليومين بقيا من شهر شوال في بغداد سنة (٣١٠) من تصانيفه: جامع البيان في تأويل القرآن، وتاريخ الأمم والملوك، وتهذيب الآثار، واختلاف الفقهاء وآداب القضاة والمحاضر والسجلات، انظر معجم المؤلفين عمر رضا كحالة (٩/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>