وموضوع السلام الذي تقدم ذكره هو السلام بين مسلم وكافر يعرف العربية والرد بها.
ولكن ما حكم العمل مع أولئك الذين لا يعرفون لغة العرب في بدئهم بالسلام أو الرد عليهم، أو بدئهم بتحيتهم التي تختلف عن السلام لفظًا ومعنى، أو الرد عليهم إذا حيوا بتلك التحية التي لا تحمل معنى السلام؟
والذي أراه في هذه المسألة هو ترك ابتداء هؤلاء بالسلام وإذا حيوا بتحية جاز رد مثلها عليهم.
ويرى البعض استحباب هجر الكافر ونحوه إذا كان مظهرًا لعادات الكفر متلبسًا بأفعال الكفار بين المسلمين ودليلهم في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد عليه وفد من نجران هم شرحبيل بن وداعة الهمداني وعبد الله بن شرحبيل الأصبحي، وجبار بن فيض الحارثي، وذلك أنهم عندما وصلوا إلى المدينة وضعوا ثيابهم التي كانت عليهم في السفر، ولبسوا حللاً لهم وخواتيم الذهب ثم انطلقوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلموا عليه فلم يرد عليهم، وتعرضوا لكلامه نهارًا طويلاً فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل وخواتيم الذهب فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنهما) وكانا معرفة لهما، فوجداهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس فقالوا: يا عثمان ويا عبد الرحمن! إن نبيكم كتب إلينا كتابًا فأقبلنا مجيبيين له فأتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا، وتصدينا لكلامه نهارًا طويلاً فأعيانا أن يكلمنا، فما الرأي منكم؟ أترون أن نرجع؟
فقالا لعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وهو في القوم -ما ترى
يا أبا الحسن: في هؤلاء القوم؟ فقال علي لعثمان وعبد الرحمن: أرى أن