للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يأمر بدفنهم حسبما تعود عليه الكفار، أو يشاركهم في ذلك فقد عاش الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة والمدينة بعد البعثة ثلاثًا وعشرين سنة لم يذكر أهل الحديث والتاريخ أنه شيع جنازة كافر أو عزى أحدًا منهم في ذلك. ومن ذلك عمه أبو طالب لم يشيعه ولم يعز فيه عليًا (رضي الله عنه) (١).

أما أهل الذمة والعهد والمسالمون من الكفار فالأصل عدم جواز حضور موتاهم أو المشاركة في تشييعها والذهاب معها إلى كنيسة أو بيعة أو نحو ذلك كما لا يجوز حضور جنازة أحد من هؤلاء وقت دفنها والدليل على ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد نُهِي عن الصلاة على المنافقين في قوله تعالى: (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) (٢). فإذا كان الله عز وجل قد نهى عن الصلاة والقيام على جنائز المنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر فإن من يظهر الكفر علانية أولى بهذا الحكم، فكيف من يعلن كفره وحربه للإسلام والمسلمين، وقد ذكر الله عز وجل أن علة النهي عن الصلاة وشهود دفن الجنازة في قبرها هي الكفر وهي متوفرة في الكفار جميعًا محاربين ومسالمين ومنافقين.

وبناء على ذلك لا يجوز حضور جنائز الكفار مطلقًا وخاصة في موضعين:

١ - حضور أماكن الصلاة على الكفار في الكنائس والبيع وما في حكمها ويلحق بذلك ما إذا كان الميت كافرًا بالردة عن الإسلام أو منافقًا ظاهر النفاق، فإنه لا يصح للمسلم المتمسك بإسلامه الصلاة أو القيام على هؤلاء جميعًا.

٢ - لا يجوز القيام على قبر الكافر وقت الدفن أيًا كان نوع كفره عملاً بنص


(١) انظر البداية والنهاية لابن كثير ج٣ ص١٢٥ - ١٢٦.
(٢) سورة التوبة آية (٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>