للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - ما روي أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فرق بين من تزوجوا بكتابيات وأزواجهم. فحين تزوج طلحة بن عبيد الله بيهودية وحذيفة بن اليمان بنصرانية، غضب عمر غضبًا شديدًا، فقال: نطلق يا أمير المؤمنين فلا تغضب، فقال: «إن حل طلاقهن فقد حل نكاحهن، ولكن انزعهن منكم انتزاعًا» (١)، فدل هذا على عدم جواز نكاح المسلمين للكتابيات، لأنه لو كان حلالاً جائزًا لما غضب عمر (رضي الله عنه) ولأنكر عليه الصحابة (رضوان الله عليهم) ولصح إيقاع الطلاق، فكان تفريقه وعدم إجازته الطلاق دليلاً على حرمتهن.

ومن الأدلة العقلية على حرمة الزواج بالكتابيات ما يلي:

١ - إن المرأة الكتابية تعارض دليل حلها وهو قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) وتعارض دليل حرمتها وهو قوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) وفي مثل تلك الحال يلزم الرجوع إلى الأصل وهو التحريم، لأن الإبضاع مما يلزم الاحتياط فيها فيحرم على المسلمين لهذا الزواج من الكتابيات (٢).

٢ - إن الكتابية مستمسكة بكتاب دار القول فيه بين حالين هما: التغيير أو النسخ، والمغير تزول صفة الكتاب عنه، وكذلك المنسوخ، ترتفع أحكامه، وحينئذ يكون لا فرق بينه وبين ما لم يكن، وعليه، تكون الكتابية في حكم من لا كتاب لها، ومن هذا شأنها لا يحل نكاحها لتحقق النقص الفاحش فيها فساوت عابدة الوثن (٣).


(١) انظر تفسير الفخر الرازي ج٦ ص٦١ وانظر أحكام القرآن للجصاص ج٢ ص٣٢٤ - ٣٢٨.
(٢) انظر العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين د/ بدران أبو العينين بدران ص٤٥.
(٣) انظر العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين د/ بدران أبو العينين بدران ص٤٥ نقلاً عن الحاوي الكبير للماوردي ج١٠ مخطوط بدار الكتب المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>