للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - إن الزوجة الكتابية هي بمثابة ذوي القرابة من غير المسلمين كالوالدين ونحوهما، فإن الله عز وجل أمر بمصاحبة الوالدين إذا كانا غير مسلمين بالمعروف قال تعالى: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) (١) والزوجة تنزل منزلة هؤلاء فمهما كانت درجة البر بالزوجة الكتابية فإنها لن تصل إلى مرتبة البر بالوالدين اللذين يشتركان معها في الكفر والقرابة.

٢ - إن البر بالكفار سواء كانوا ذوي قرابة كالوالدين أو الزوجة أو غيرهم من الكفار، لا يعني ذلك مودتهم في القلب من كل وجه، ولا يعني أن يتنازل عن شيء من أحكام الإسلام مهما صغر طلبًا لرضاهم واستجلابًا لمودتهم، فالولاء للإسلام أعظم منزلة من منزلة البر وحسن الصحبة للكفار، ولذلك يضحي المسلم بذوي القرابة والنسب من الكفار عندما تصطدم مطالبهم مع مطالب العقيدة الإسلامية أو تتعارض معها وقد سبق أن ذكرنا نماذج من ذلك فيما سلف (٢). وعلى هذا فلا موالاة للكفار في مصاحبة الزوجة أو الوالدين من غير المسلمين بالبر والمعروف. لأن الموالاة للكفار مطلقًا، إنما تكون بمساواتهم مع المؤمنين أو تنزيلهم منزلة أقرب من منزلة أهل الإسلام أو التنازل عن شيء من أحكام الإسلام استجلابًا لمودتهم وحصول رضاهم. وهذا غير واقع من المسلمين الملتزمين بالإسلام، الذين يجعلون حب الله ورسوله والمؤمنين مقدمًا على كل ما عدا ذلك من صلات القرابة والنسب والمنافع الأخرى، فلا يقدمون شيئًا على مراد الله ورسوله، مهما كانت منزلته ومكانته في نفوسهم.

فالمؤمن يصير حبه فيما يرضي مولاه، وإن كان مخالفًا لهواه، ويكون بغضه لما يكرهه مولاه، وإن كان موافقًا لهواه، قال تعالى عن يوسف


(١) سورة لقمان آية (١٥).
(٢) انظر ص٣٢ - ٣٣ من هذه الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>