للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم أتباع، يعطون ليستدرجوا مع أتباعهم إلى الإسلام (١). وهذه الأقوال متقاربة، والقصد منها جميعًا، أن يكون الإعطاء لمن لا يتمكن إسلامه حقيقة إلا بالعطاء، فكأن ذلك ضرب من ضروب الجهاد، وقد أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - عددًا منهم حديثي عهد بالإسلام على مائة من الإبل، وكانوا أشرافًا وحويطب بن عبد العزي، وصفوان بن أمية، ومالك بن عوف، والعلاء بن جارية، فسمي هؤلاء أصحاب المئين (٢).

وقد ورد في الحديث الصحيح «إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه، خشية أن يكب في النار على وجهه» (٣).

وفي كتاب الأموال عن سعيد بن المسيب (رحمه الله) أنه قال: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصدق بصدقة على أهل بيت من اليهود فهي تجري عليهم» (٤). وروى الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى أهل مكة خمسمائة دينار لما قحطوا وأمر أن يدفع ذلك إلى أبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية قبل إسلامهما ليفرقاها على فقراء مكة فقبل ذلك أبو سفيان وأبو صفوان بن أمية، وكان أهل مكة في ذلك الوقت مشركين حربيين، فإذا صح ذلك في حقهم، فمن باب أولى أن يصح التصدق على الكفار المسالمين وأهل الذمة وأهل العهد لأنهم أولى بالرعاية والبر وخاصة من يقعون تحت مسئولية الدولة الإسلامية (٥).

وقد اختلف العلماء في بقاء العمل في إعطاء الكفار الذين يؤلفون على الإسلام على ثلاثة أقوال:


(١) المصدر السابق المكان نفسه. وانظر نيل الأوطار للشوكاني ج٤ ص٢٣٣ - ٢٣٤.
(٢) المصدر السابق المكان نفسه.
(٣) رواه مسلم. انظر صحيح مسلم ج١ ص١٣٢ (كتاب الإيمان).
(٤) انظر كتاب الأموال لأبي عبيد ص٦١٣.
(٥) انظر أحكام الذميين والمستأمنين د/ عبد الكريم زيدان ص١٠٣. وانظر السير الكبير وشرحه ج١ص٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>