للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا) [النساء: ٩٧ - ٩٩].

وقول الله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) [النحل: ٢٨، ٢٩].

ففي هذه الآيات إخبار من الله عز وجل أنه سوف يسأل كل من انحاز إلى الكفار، أو تخلى عن المسلمين واعتزلهم في أي فريق كنتم؟ أفي فريق المسلمين؟ أم في فريق المشركين؟ فاعتذر البعض عن كونهم ليسوا في فريق المسلمين بسبب الاستضعاف، فلم تعذرهم الملائكة، وقالوا لهم (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) فكل من لم يكن مع جماعة المسلمين فهو مع المشركين، ما عدا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فهؤلاء يرجى لهم العفو من الله في قبول عذرهم والمغفرة عن تقصيرهم وهناك من اعتذر بأنه ما عمل سوءا حيث ترك كلا من المسلمين والمشركين، واعتزل بنفسه عن الفريقين مع علمه أن المسلمين على حق، فعد القرآن كلا من الاعتذارين الاستضعاف والاعتزال غير مقبول، وأن مثل هذا الفعل موجب لدخول النار وعذابها، حيث يقتضي واجب الأخوة في الإسلام، أن يكون المسلم مع إخوانه المسلمين، كالعضو مع الجسد، يتأثر بكل مؤثر يصيب الجسم من الداخل أو الخارج، فإذا كان هؤلاء لم يعذروا فكيف بمن أظهر لأهل الشرك الموافقة لهم، والدخول في طاعتهم، فآواهم ونصرهم، واتبع سبيلهم، وخطًأ أهل التوحيد وسبهم، واستهزأ بهم في أقوالهم وأفعالهم، ومظاهرهم، التي هي من شعائر

<<  <  ج: ص:  >  >>