وأما من حيث العقل فإن المسلم عندما يوفر فرصة العمل لأخيه فإنما يعينه على الحياة بوسيلة شريفة وهذا نوع من التكافل الاجتماعي بين المسلمين وثانيًا أن المسلم عندما يستقدم للعمل أحد إخوانه المسلمين فمعنى ذلك أنه لم يدخل في الأمة الإسلامية والمجتمع الإسلامي جسمًا غريبًا على المسلمين في أقل الأحوال، بخلاف من يستقدم الكافر فإنه إن لم يكن هذا عدوا لدودا لهذا الدين وهذه الأمة فأقل أحواله أنه غريب على المسلمين في عقيدته وأقواله وأفعاله يخشى فساده ولا يؤمن ضرره على الإسلام والمسلمين وما يتعلل به البعض من أن الكفار أحسن خدمة، وأكثر أمانة وأقوى التزامًا بالعمل ومواعيده، فالرد أن هذه صفات توجد في المسلمين والكفار وهي مشتركة بين الناس جميعًا ولكن تلك الصفات باعثها في المؤمن غير باعثها في الكافر، فالكافر قد يتخذ تلك الصفات للدعاية لنفسه ولكفره وليخدع بها بعض الناس في التعامل كي يصل إلى هدفه الحقيقي في استغلال الغير إلى أبعد الحدود وبطريقة لا يشعر بها المستغل أنهم يستغلونه، أما المؤمن فإن الباعث للصفات الحسنة في نفسه هو مجرد الإيمان بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا ورسولاً، ولذلك إذا توفرت في المسلم صفة الإيمان الحقيقي توفرت فيه جميع الصفات الحسنة لأن الأخلاق الكريمة من ثمار الإيمان الصحيح ومن علاماته، فدور المسلم هو البحث عن إخوانه المسلمين الذين يجمعون بين القول والعمل والذين تظهر عليهم علامات الصدق والإيمان فيجب عليه أن يأخذ باعتباره أساسًا أن المعاملة مع غير المسلمين لا تجوز إلا عند الضرورة القصوى ووفق شروط معينة لا تتوفر في عامة الكفار ممن يعملون في دار الإسلام وقد ورد في الأثر «ومن قلد رجلاً على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى منه لله فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين»(١).
فالواجب عند الاختيار هو اختيار من هو أقرب إلى الله ورسوله
(١) الحسبة في الإسلام أو وظيفة الحكومة الإسلامية/ ابن تيمية ص٨.