للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانخداع بما يظهره الكفار من صداقة وإخلاص حيث إنهم أعداء عقيدة لا ترجى مودتهم، وما يتظاهرون به من صداقة ونصح، فإنما هو لأغراض في أنفسهم، ولمصالحهم الخاصة، وللمكر والوقيعة بالمسلمين كالأفعى ينخدع الجاهل برقبتها ونعومتها وفي فمها السم الزعاف، وهؤلاء الكفار كذلك فإن مبدأهم في التعامل مع المسلمين، أن لا إثم ولا خطيئة عليهم في خيانة المسلمين في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، بل يرون ذلك قربة وقصاصًا عما فعله المسلمون بأسلافهم في الشام ومصر والأندلس (١).

وقد حذرنا الله منهم، وبين لنا مواقفهم منا، ونظرتهم إلينا في التعامل والمعاملة، حتى نكون على بينة في معاملتنا لهم، فإن الاستعانة بهم في مصالح المسلمين بصورة غير شرعية، لون من ألوان موالاتهم وتوليهم، وقد بين الله عز وجل أن من تولاهم فإنه منهم، ولا يتم إيمان العبد بربه حتى يتبرأ منهم، فإن البراءة منهم، دليل على عدم موالاتهم، ومن قلدهم الوظائف الهامة والمناصب الكبرى في ديار الإسلام، فقد اتخذهم بطانة من دون المؤمنين، وخالف الأمر بوجوب كسر شوكتهم والشدة عليهم وإشعارهم بالصغار بين المسلمين حتى يسلموا فيعتزوا بالإسلام، أو تضيق بهم نفوسهم في المجتمع الإسلامي الطاهر النظيف، فيلحقوا بالكفار أمثالهم أو يبقوا في وضع ضعيف مهين بحيث لا يشكلون خطرًا على الإسلام والمسلمين، فإذلال الكفار من غير ظلم أو تعد لما شرعه الله لهم من حقوق، أمر مطلوب من كل مسلم قال تعالى: (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) (٢). وقال تعالى: (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) (٣). وقال تعالى: (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (٤). وهذا لا يتأتى مع توليتهم


(١) انظر ما قاله أحدهم في (أحكام أهل الذمة) / لابن قيم الجوزية ج١ ص٢٢٧.
(٢) سورة الفتح آية (٢٩).
(٣) سورة التوبة آية (١٢٣).
(٤) سورة التوبة آية (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>