للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نقل عن الشافعي (رحمه الله) ما يوافق هذا المعنى حيث روي أنه قال: «إن رأى الإمام أن الكافر حسن النية، حسن الرأي مأمون الجانب على المسلمين، وكانت الحاجة داعية إلى الاستعانة به جاز ذلك وإلا فلا» (١).

ولعل هذا هو المتفق مع أدلة النهي وأدلة الجواز، إذ روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قبل معونة صفوان بن أمية يوم حنين، وهو مشرك، فتكون المسألة في ذلك داخلة تحت مفهوم السياسة الشرعية لمصلحة الدعوة الإسلامية (٢).

والظاهر لي من الأدلة عدم جواز الاستعانة بالمشركين إلا عند توفر الشرطين المتقدمين وذلك لسببين:

السبب الأول: إن الأحاديث التي استدل بها على جواز الاستعانة بالكفار لا تسلم من مقال أو توجيه يجعل العمل بها غير ملزم. فمقاتلة قزمان مع المسلمين لم يثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - أذن له بذلك في ابتداء الأمر، وغاية ما فيه، أنه يجوز للإمام السكوت عن كافر قاتل مع المسلمين (٣).

وأما استعانته - صلى الله عليه وسلم - ببشر بن أبي سفيان عينا له على قريش وهو مشرك فإنما استعان به بما دون القتال، وهذه المسألة أقرب في الجواز من مسألة القتال والحرب (٤).

وأما ما روي عن الزهري مرسلاً، فإن مراسيل الزهري ضعيفة والمسند فيه الحسن بن عمارة وهو ضعيف (٥).

وأما استعانته - صلى الله عليه وسلم - بابن أبي من المنافقين فليس من قبيل الاستعانة


(١) انظر مغني المحتاج ج٤ ص٢٢١.
(٢) انظر فقه السيرة/ محمد سعيد رمضان البوطي ص١٩٠.
(٣) انظر نيل الأوطار للشوكاني ج٨ ص٤٥.
(٤) فقه السيرة/ محمد سعيد رمضان البوطي ص٢٥٢.
(٥) انظر نيل الأوطار للشوكاني ص٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>