للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما تقدم يتضح أن قتل المسلم بالكافر ليس حدًا لا تصح الزيادة فيه أو النقص منه، ولذلك عارض جمهور العلماء مسألة القصاص في قتل المسلم بالكافر، للحديث الصحيح في ذلك «وألا يقتل مسلم بكافر» (١) والمرتد عن الإسلام كافر من جنس الكفار، فالذي ينتمي إلى الأحزاب الشيوعية، أو الأحزاب البعثية، أو الأحزاب الاشتراكية، أو المنظمات الماسونية، فإنه كافر ومرتد لخروجه من حزب الله إلى أحزاب الكفر والضلال، ولذلك لو قتل المسلم واحدًا ممن ينتمون إلى تلك الأحزاب الكافرة، فإنه لا يعاقب باعتباره قاتلاً عمدًا سواء قتل المرتد قبل الاستتابة أو بعدها، لأن كل جناية على المرتد هدرًا ما دام باقيًا على ردته (٢).

ولكن للأسف الشديد ونظرًا لغياب الحكومة الإسلامية الحقة فإن المسلم اليوم لو قتل جاسوسًا من جواسيس اليهود والنصارى أو راهبًا من رهبانهم الذين ينشرون الفساد والإلحاد في بلاد الإسلام لأخذته السلطات الدخيلة على الإسلام والمسلمين، بالنواصي والأقدام، ولقتلته بهذا الكافر المحارب لله ورسوله والمؤمنين، وكذلك الشأن لو قتل المسلم شيوعيًا ينكر وجود الله ثم اقتيد إلى إحدى المحاكم التي يتربع على مقاعدها بعض القضاة الذين لا هم لهم إلا التكسب والأجر الزهيد، لحاولوا بشتى الوسائل وبالشاذ من الأقوال أن يحققوا رغبة الحاكم في قتل المسلم بالكافر المرتد عن الإسلام، وهذا ليس من قبيل الادعاء والتجني، بل هو الواقع، فعندما قتل أحد دعاة الشيوعية بالمغرب بأيدي مجهولة، عمدت السلطة إلى إلصاق التهمة بالمخلصين من المسلمين، وأجرت لهم، أو للبعض منهم محاكمات صورية كان من نتائج ذلك الحكم بالسجن المؤبد على بعضهم والبعض


(١) رواه البخاري، انظر فتح الباري ج١٢ ص٢٦١ وصححه كذلك بعد تنقيح جميع طرقه، وتخريج الأحاديث المعارضة له في اللفظ والمعنى الشيخ ناصر الدين الألباني، حيث يرى وجوب العمل به وضعف ما ذهب إليه الحنفية من جواز قتل المسلم بالكافر بعد تضعيفه لجميع الروايات التي يحتجون بها. انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة ج١ ص٤٧٣ - ٤٧٦.
(٢) انظر التشريع الجنائي الإسلامي/ عبد القادر عودة ج١ ص٥٣٤ - ٥٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>