للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواردة في ذم مساكنة الكفار والإقامة معهم على من لم يقدر على إظهار دينه، أو رضي عنهم وتابعهم على دينهم وإن كان يدعي الإسلام، فمن الأدلة الواردة في ذم مخالطة المشركين على ذلك الوصف المتقدم ما يلي:-

أولاً- قول الله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) (١). لأن الرضا بالكفر كفر، وعلى هذا استدل العلماء بأن الراضي بالذنب كفاعله، لأن الذي يدعي الإسلام، ويكون مع المشركين في الاجتماع بهم، والنصرة لهم، والسكن معهم بحيث يعده المشركون أو المرتدون عن الإسلام أنه واحد منهم، فهو كافر مثلهم، وإن ادعى الإسلام (٢).

ولا فرق في ذلك بين المدة القريبة أو المدة البعيدة، فكل بلد لا يقدر المسلم على إظهار دينه فيه، لا يجوز له المقام فيه ولو يومًا واحدًا إذا كان يقدر على الخروج منه (٣). فحكم الإقامة كحكم السفر في ذلك، نظرًا لما يترتب عليهما من منافع أو مفاسد متشابه في حق الفرد والأمة على حد سواء (٤).

وقد قال القرطبي في الآية المتقدمة في قوله تعالى: (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) (٥): إن هذه الآية نزلت في المنافقين الذين يجالسون أحبار اليهود


(١) سورة النساء آية (١٤٠).
(٢) انظر مجموعة التوحيد ص٤٨.
(٣) المصدر السابق المكان نفسه.
(٤) المصدر السابق المكان نفسه.
(٥) سورة النساء آية (١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>