للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الحرب تنشأ عن العداوة، والعداوة تنشأ عن المخالفة، وغاية الحرب الهلاك، والله عز وجل لا يغلبه غالب. فكان المعنى: أن من عادى ولي الله بالقول أو الفعل أو بهما معًا، فقد تعرض لإهلاك الله له، فأطلق الحرب وأريد لازمه، أي عمل به ما يعمل العدو والمحارب (١).

ولذا يمكن أن نقول: إن الموالي للكافرين والمحارب للمؤمنين جعل نفسه في مكان المعاند لله عز وجل بعداوته لأولياء الله ومحبته لأعداء الله فكأنه أمام نفسه مقام المحارب لله أصالة، وهو أحقر وأذل من أن يحارب ربه، لكنه خيلت له نفسه الأمارة بالسوء هذا الخيال الباطل، فعادى من أمره الله بموالاته ومحبته مع علمه بأن ذلك مما يسخط الرب ويوجب حلول العقوبة عليه. وإيقاعه في المهالك التي لا ينجو منها (٢).

قال الفاكهاني: «في هذا الحديث وعيد وتهديد شديد، لأن من حارب الله تعالى أهلكه الله» (٣). وهو من المجاز البليغ، لأن من كره ما أحبه الله تعالى، خالف الله سبحانه وتعالى، ومن خالف الله عز وجل عانده، ومن عانده أهلكه، وإذا ثبت هذا في جانب المعاداة، ثبت ضده في جانب الموالاة.

فمن والى أولياء الله عز وجل أكرمه الله وحماه (٤).

فإذا كان مجرد العداوة لولي من أولياء الله مؤذنًا بحرب الله عز وجل لمن عاداه.

فكيف إذا تعدى الأذى لأكثر من مجرد العداوة، فآذنوا بالقول والفعل ولأكثر من ولي بل عادوا أولياء الله جميعًا في كل صقع من أصقاع الأرض؟


(١) انظر فتح الباري ج١١ ص٣٤٢.
(٢) انظر ولاية الله والطريق إليها/ إبراهيم هلال ص٣٤٧.
(٣) انظر فتح الباري ج١١ ص٣٤٢.
(٤) المصدر السابق ج١١ ص٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>