للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) (١). فتبين من ذلك أن المنافقين هم الذين يتخذون الكافرين أولياء، يوالونهم بالمودة والنصرة متجاوزين ولاية المؤمنين معرضين عنها، معلقين طلب العزة والتمكين على الأعداء متناسين قول الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (٢).

وقد جرب حكام هذه الأمة وشعوبها عبر التاريخ ألوانًا من موالاة الأعداء فما جنوا من ذلك سوى الخيبة والذل والعار والمهانة في الدنيا والآخرة.

ففي الأندلس كان الولاء للأعداء لعبة قذرة سلكها أمراءُ الطوائف حتى نفض الصليبيون البساط من تحت أقدامهم وألقوا بهم في مزبلة التاريخ وأصبحت هذه البلاد حسرة في نفس كل مسلم حين يذكر ما فيها من حضارة وآثار للمسلمين ثم يذكر أولئك الأوباش الذين أضاعوا ذلك الفردوس المفقود بسبب ولائهم لأعداء الله وأعداء الإسلام والمسلمين (٣).

لقد وصلت الحماقة والخيانة والنذالة والذلة إلى أن يوالي أحدهم الكافر ضد أبيه المسلم.

فقد تعاون مخزاة (أبو عبد الله محمد الخائن) مع الصليبيين «فرديناندو إيزبلا» ضد والده محمد بن سعد (المعروف بالزغل) وضد عمه حتى تم النصر للنصارى ضد المسلمين، وبعد ذلك انقلب فرديناند على أبي عبد الله فسلب منه ممتلكاته وسلم هذا الخائن مفاتيح آخر مدينة إسلامية بالأندلس لفرديناند، وهو يبكي كما تبكي النساء على بلد إسلامي أضاعه، وخيانة لن ينساها له التاريخ تمثلت بموالاة الأعداء ضد أقرب الناس إليه فخرج هذا الخائن (٨٩٧هـ - ١٤٩٢م) ذليلاً محتقرًا إلى أفريقية


(١) سورة المائدة آية (٥١ - ٥٢).
(٢) سورة المنافقون آية (٨).
(٣) انظر موسوعة التاريخ الإسلامي/ أحمد شلبي ج٤ ص٣٦ - ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>