للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يرشد أخاه إذا ضل ويمنعه إن تطاول، ويدافع عنه إذ هوجم، ويقاتل معه إذا اعتدي عليه واستبيح حماه، وذلك هو معنى التناصر الذي فرضه الله ومعنى الموالاة التي أرادها الله. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منع عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (١).

إن خذلان المسلم لأخيه شيء عظيم، وهو إن حدث ذريعة لخذلان المسلمين جميعًا حيث تنتشر عدوى الأنانية وحب الذات، وإيثار الراحة والمصلحة الخاصة على مشاركة الغير آلامهم وآمالهم، فيكثر التنصل من المسئولية بين المسلمين، حتى يقضي عليهم أعداؤهم واحدًا تلو الآخر فتموت فيهم خلال الآباء والشهامة ونجدة الملهوف، وإغاثة المنكوب وسوف يجنح المظلوم والضعيف إلى الأعداء طوعًا أو كرهًا، لما يقع به من ضيم وما يصيبه من خذلان من إخوانه ثم ينزوي بعيدًا عنهم، وتنقطع عرى الأخوة بينه وبين من خذلوه وأسلموه للأعداء.

إن كلاً منا يسمع ويرى ما أصاب المسلمين مما تنفطر له الأكباد ويقشعر لهوله الفؤاد، ومع ذلك لم نقدم شيئًا، كل منا يمضي في شأنه ويطلب ملذاته، وكأن الأمر لا يعنيه في قليل أو كثير.

إن هذا التخاذل قد جر على المسلمين الذلة والعار والخزي والصغار، وقد حارب الإسلام هذا الاتجاه الخطير حربًا شعواء ولعن من يقبعون في ظلال العزلة والأنانية والمصلحة الخاصة العاجلة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقفنّ أحدكم موقفًا يضرب فيه رجلاً ظلمًا، فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه» (٢).


(١) رواه البخاري ومسلم - انظر نزهة المتقين شرح رياض الصالحين ج١ ص٢٤٦ رقم الحديث (٢٢٦).
(٢) رواه الطبراني - انظر حقوق الإنسان/ محمد الغزالي ص٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>