تطبيقات كثيرات، واكتشافات قيّمات لعناصر جمالية بلاغيّة وأدبيّة فيهما، كُنْتُ أدَوّنها وأشرحها فيما أكْتبُ من تدبُّرٍ لهما، وكنتُ أجْمَع ما أظفر به من متناثرات جماليّة وبلاغيّة وأدبيّة تَصْلحُ لأَنْ تُضاف إلى هذا العلم النّفيس.
لمّا تجمّعت لديّ كُلُّ هذه العوامل والمُحَرِّضات، ورأيتُ معونة الله تُمِدُّني، وتَوفيقَهُ يَرْعاني، وجَّهْتُ عزيمتي متوكّلاً عَلَيْه لكتابة هذا السِّفر مُشْتَمِلاً على نُقَايَاتٍ مِنْ مُدَوَّنَاتِ فُنُونِ عِلْمِ البلاغة، وما فتح الله به عليَّ مما يَصْلُح لأنْ يُضافَ إليه.
ولمّا فاض ما جَمعْتُ عمَّا كُنْتُ آمُل رأيْتُ أن أقْتَصِر عليه، وأُخْرجَهُ في هذا الكتاب، عسَى أن ينفع الله به متدبّري كتابه المجيد، وأقوال رسوله الخاتم، وأن يُوَفِّق للاسترشاد به الدُّعاة إلى سبيل ربّهم، والقائمين برسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتّى يُحْسِنُوا استخدامَ وسِيلَةِ الأدب الرفيع للتأثير فيمن يوجّهون لهم بياناتهم، ونصائحهم، ومواعظهم، بالحكمة والموعظة الحسنة.
اللهم ربّ لك الحَمْدُ على ما وهبْتَ. اللهم ربِّ أوزعني أن أشكر نعمتَك التي أنْعَمْتَ بها عليّ وعلى والِدَيَّ، وأَنْ أعْمَل صالحاً ترضاه مخلصاً لك في أقوالي وأعمالي. اللهم ربّ اغفر لي واجْعَل ما أكتُب وأنْشُر وأُبَلِّغُ خَالصاً لوجهك الكريم بفضلك ومَنِّكَ وجُودِك، رَبِّ وَزِدْنِي من فيوض عطاياك وفضلك وجودك في الدُّنيا وفي جنّاتِ النعيم، وأصلح أحوال الدّعاة والقائمين برسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر المؤمنين المسلمين.
وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى.
مكة المكرمة في يوم السبت التاسع من ربيع الآخر لسنة ١٤١٤ هجرية.