للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البديعة المعنوية (٦) : تأكيد الفكرة بما يشبه تقرير ضدّها

تَأْكيد الْفِكْرة بما يُشْبِهُ تقرير ضدّها وهي المُسَمّاة: تأكيد المدح بما يشبه الذّم وعكسه والعنوان الذي وضعته أولى

تأكيد الفكرة بما يشبه تقرير ضدّها: هي أن يأتي المتكلّم بكلام يتضمَّنُ مَدْحاً، أو ذمّاً، إو إثباتَ صفةٍ أو حَدَثٍ، أو نَفْيَ صِفَةٍ، أو حدث، ويُتْبعَهُ بكلاَمٍ يَبْدَؤُه بما يُشْعِرُ باستثناءٍ أو استدراكٍ على كلامه السابق فإذا به يأتي بما يتضَمَّنُ تأكيد كلامه السابق.

وهذا فنٌّ بديع في الكلام له حركة في النفس تَشْبِهُ الْجَزْرَ فالمدَّ السّريع الأقوى من الْجَزْرَ.

أمثلة:

المثال الأول: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (الواقعة/ ٥٦ مصحف/ ٤٦ نزول) بشأن الجنة وما فيها من نعيم لأهلها:

{لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً} [الآيات: ٢٥ - ٢٦] .

إنّ الاستثناء بعبارة {إِلاَّ قِيلاً} يُشْعِرُ بأنّ نفي اللَّغو والتأثيم السابق سيأتي إثباتُ بعضِ ما هو ضدّه، فإذا بالمستثنى يوكِّد الفكرة السابقة، وهي أنّهم لا يَسمَعُونَ فيها لَغْواً ولاَ تأثِيماً، لأنَّ عبارات السلام التي يسْمَعُها أهْلُ الجنّة ليست من اللّغو ولا من التأثيم، الّذي هو الشتيمة بارتكاب الإِثم، بل هي تكريم ودعاء وتحيَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>