للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثاني: المساواة بين الألفاظ والمعاني]

الأصل في الكلام أنْ يُؤْتَى بِه مساوياً للمعاني الّتي يدلُّ عليها، دون أن تكون ألْفاظُهُ زائدةً ولا ناقصة.

أمّا القدرةُ على المطابقة التامّة بين الْجُمَل المنطوقة والمعاني المرادة منها، فهي من القدرات النادرة في المتكلمين من الناس، لأنَّ الناسَ في النّسْبَةِ العظمى منهم:

* إمّا أن يكونوا من ذوي القدرة على الكلام والرغبة فيه مع تَمتُّعِهم بذاكرة كلاميّة واسعةٍ وفيّاضة، فتفيض لديهم منابع القول، وبذلك يزداد المنطوق من كلامهم عمّا يريدون التعبير عنه من المعاني.

وقد يصل بعض هؤلاء إلى مستوى الإِسراف والتبذير في القول، والثرثرة بلا طائل، وللنساء النّصيبُ الأكبر من هذا.

* وإمّا أن يكونوا ميّالين إلى قلّة الكلام وإيثار الصّمت إلاَّ عند الحاجة الماسّة، بسبب ضابطٍ حكيمٍ من عقولهم، أو بسبب شعورهم بالعجز عن استدعاء الكلماتِ المعبِّرات عمّا يُرِيدون من المعاني، إذْ لا تُساعدهم ذاكرتُهُمْ على اختيار الكلمات المناسبات لما يُريدون التعبير عنه، أو يُصابون بالْعِيّ والْحَصَرِ فى مواقف الرَّغبةِ أو الرَّهبة، أو اضطراب النفس وقَلَقِها لأمْرٍ ما، فيَتَعَثَّرون في الكلام، ويحاولون عند الحاجة إليه اختيار أقلّه، للدلالة عما يريدون التعبير عنه، أو تكون ألسنتهم ثقيلة الحركة يتعثر فيها النطق بحسب فطرتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>