للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المقولة الثانية: منهج البيان القرآني في حكاية الأقوال والأحداث والقصص]

يشتمل البيان القرآنيّ في حكاية الأقوال والأحْدَاثِ والْقِصَص على وجُوهٍ فنّيّةٍ مختلفة، فيها إبداعٌ رائع لم يُعْرَف في بيان بُلَغاء الناس قبل القرآن.

ويُلاحِظُ مُتَدبّر كتاب الله عزَّ وجلَّ من هذه الوجوه المختلفة الفنون التالية:

الفنّ الأول: ما قد يشمل عليه النّصّ من تصوير الحدث الماضي، والحدث الآتي في المستقبل، كأنه حدَثٌ آنيٌّ يجري الآن، والصُّوَرُ التمثيليّة المستقطعة من الماضي أو من المستقبل يُؤتى بكل ظروفها الزمانيّة والمكانيّة وبأحداثها، فتُقَدَّمُ كأنّها أحداثٌ قائمة فعلاً، للإِشعار بأنها حقائق قد حدثت فعلاً، أو لا بدّ أن تحدثَ مستقبلاً.

الفنّ الثاني: ما قد يشتمل عليه النصّ من تصوير الحدث الذي سيأتي في المستقبل كأنّه حَدَثٌ جرى فعلاً فيما مضىَ، فهو يحكي أمراً قد وقع.

الفنّ الثالث: ما قد يشتمل عليه النصّ من التقاط لقطاتٍ مثيرات ذوات أهميّة من الحدث، وترك الذهن يملأ الفراغات بين اللقطات، وهو نظير اللّقطات الفنيّة التي اكتشفها أخيراً أصحابُ الفنّ السينمائي والتيلفزيوني، إذ يقتطعون من الأحداث التي يُقدّمها المشهد التمثيلي المصوّر، لقطات منتقيات تدلُّ على ما قبلها وعلى ما بعدها، ويعرضونها على شكل فقرات متتابعات من المشهد المعروض، مع أنّها متباعدات جدّاً في الواقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>