للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البديعة المعنوية (٢٣) : المراوغة: بالمواربة، أو مجاراة ظاهر القول]

المواربة: أن يقول المتكلّم قولاً يتضمَّن ما يُنْكَرُ عليه به، فإذا وُجِّه له الإِنكار استحضر بحذقه وجهاً من الوجوه يتخلّص به، إمّا بحمل الكلمة على معانيها، أو بتحريفها، أو بتصحيفها، أو نحو ذلك. والمواربة في اللغة: المخادعة والمخاتلة.

كقول اليهود عند السَّلام: السّام عليكم، يُوهِمُون أنّهم يقولون: السّلام عليكم، وهم يقصدون: الموت، لأن السّام الموت.

وحين أمرهم الله على لسان نبيٍّ من أنبيائهم أن يدخلوا باب القرية سُجَّداً ويَقُولوا: حطَّة، بمعنى: اللَّهُمَّ احْطُط عنَّا خطيئاتنا، حَرَّفوا الكلمة وواربوا فيها، وقَصَدُوا معنى غير الذي طُلِبَ منهم.

***

المجاراة: هي مسايرة المخاطب بحسب ظاهر كلامه، والتغاضي عن مراده منه، والبناء على ظاهر كلامه كأنّه هو مقصودُه الحقيقي.

ومن أمثله المجاراة حَمْلُ كلام الكافرين الذي طلبوا فيه من رسُلهم استعجالَ العذاب الّذي أنذروهم به، لا على معنى أنّهم يريدون إنزال العذاب بهم، ولكنَّهُمْ يُعَبِّرون بهذا الاستعجال عن تكذيبهمْ رُسُلَ رَبّهم، وأنَّهم ليسوا صادقين فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>