نشدتك الله ألا ما اقتصرت على الله تبارك وتعالى ولا ترج أحدا من خلقه.
ففعلت ذلك، وكان لي دهليز واسع ينوب عن مجلس في الدار، كنت أجتمع فيه مع الفقهاء، ونتناظر في دقائق الفقه، فإني لجالس فيه تلك العشية، وهو خال ممن كان يغشاه، إذ دخل إلي رجل من الخراسانية يريد الحج، وكان الوقت قريبا من وقت المسير إلى الحج.
فقال لي: أصلحك الله إن رأيت أن تقبل مني هذه البدرة من الدراهم وديعة إلى رجوعي من الموسم.
قلت: أفعل.
فأخذتها منه مضمونة، فعمدت إليها ففضضت عنها خاتمها وقسمتها في معاملتي، وفي سائر مهماتي حتى استنفدتها وقضيت كل دين كان علي.
فلما أصبحت ركبت وأطلت.
ثم رجعت ووجدت الخراساني على الباب ينظرني، وهو قد بدا له عما عزم عليه من الخروج إلى مكة، فلما رأيته ضاقت بي الأرض وقال لي: احتجت إلى تلك الوديعة.
قلت له: ليس أصل إليها الساعة، فعد إلي غدا نقبضها إن شاء الله.
فانصرف ودخلت إلى زوجتي فأعلمتها بذلك، فقالت لي: ارجع إلى الله عز وجل في أمرك، فليس يملك كشف هذا الكرب عنا غيره.
فرجعت أتضرع إلى الله عز وجل في تلك الليلة، في إسدال ستره، وتعجيل فرجه، وفزعت إليه بهمي وكربي.
ثم ركبت بغلتي في الغلس، وأنا لا أدري أين أتوجه، فعبرت الجسر وأخذت نحو المخرم، وما