ذكر القاضي يونس بن عبد الله فيما حدثه به بعض أصحابه، قال: حدثني أبو الحسن، عن عبيد الله البياسي، من أهل جيان أن أخوين كانا هاربين من قوم كانوا يطلبونهما للقتل فأخذوا أحدهما، فقالوا: لا نقتله حتى نأخذ أخاه فنقتلهما جميعا.
فربطوه بأصل شجرة بالحبال، ربطوا رجليه بحبل ويديه بحبل، كل ذلك إلى الشجرة.
ثم ذهبوا في طلب أخيه فبينما هو على تلك الحالة إذ سمع صوتا ولم ير شخص المصوت به وهو يقول:«يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تأخذه سنة ولا نوم، اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، يا غياث المستغيثين، يا أرحم الراحمين» .
فجعل يتردد ذلك الصوت، بذلك الدعاء، حتى حفظه هذا المربوط، فلما حفظه، دعا به فانحل من الشجرة ومضى لشأنه.
قال أبو الحسن البياسي: فلما كان بعد هذا بمدة، سافرت فلقيني لصوص، فسلبوني وربطوني كتافا لئلا أتبعهم وأفضحهم، وتركوني في الصحراء، فذكرت هذا الدعاء، بعد أن بقيت كذلك يوما وليلة، فدعوت به فانحلت يدي الواحدة، فحللت بها الأخرى، ومضيت في سفري والحمد لله.