حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: رَمَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْجَمْرَةَ وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ لِهْبٍ، فَرَمَيْتُ الْجَمْرَ فَأَصَابَتْهُ فَسَاءَهُ، وَكَانَ أَصْلَعَ فَدَمِيَتْ رَأْسُهُ، فَقَالَ اللِّهْبِيُّ: مَا لَهُ قَطَعَ اللَّهُ يَدَهُ رَمَانِي رَمَاهُ اللَّهُ، وَاللَّهِ لَا يَرْجِعُ إِلَى هَذَا الْمَقَامِ أَبَدًا، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الْآخَرُ نَزَلَ بِالْمُحَصَّبِ، ثُمَّ جَمَعَ بَطْحَاءَ وَوَضَعَ رِدَاءَهُ عَلَيْهَا، وَاتَّكَأَ يَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ، فَرَأَى الْقَمَرَ طَالِعًا لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَقَالَ: " إِنَّ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَتِمَّ قَطُّ إِلَّا أَخَذَ فِي النُّقْصَانِ، ثُمَّ يَذْكُرُ قَائِمَ اللَّيْلِ حِينَ يَأْخُذُ فِي النُّقْصَانِ إِنْ أَتَى التَّمَامُ، وَتَمَامُ الشَّمْسِ ثُمَّ رُجُوعَهَا، وَتَمَامُ الْقَمَرِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ تَمَّ وَلَا يَزْدَادُ إِلَّا نُقْصَانًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي وَأَنِسْتُ الضَّعْفَ مِنْ نَفْسِي، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي، وَقَدْ خِفْتُ عَلَى نَفْسِي، فَتَوَفَّنِي إِلَيْكَ غَيْرَ عَاجِزٍ وَلَا مُقَصِّرٍ وَلَا مَغْبُونٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ رَكِبَ وَخِبَاءُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِجَنْبِ فُسْطَاطِهِ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَانْطَلَقَتْ بِهِ ⦗٨٧٧⦘ رَاحِلَتُهُ خَلَّفَهُ فِي مَكَانِهِ رَاكِبٌ فَرَفَعَ صَوْتَهُ فَقَالَ:
[البحر الطويل]
جَزَى اللَّهُ خَيْرًا مِنْ أَمِيرٍ وَبَارَكَتْ ... يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ
فَمَنْ يَجْرِ أَوْ يَرْكَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ ... لِيُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بِالْأَمْسِ يُسْبَقِ
قَضَيْتَ أُمُورًا ثُمَّ غَادَرْتَ بَعْدَهَا ... بَوَائِقَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
فَسَمِعَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ: عَلَيَّ بِالرَّاكِبِ، فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَبَكَتْ وَقَالَتْ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَمْ يَمْكُثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى طُعِنَ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute