فَصَافَحْتَ حُمَّاهُ وَدَاءَ ضُلُوعِهِ ... وَخَالَصْتَ عَيْشًا مَسَّهُ طَرَفُ الْحَصْدِ
فَأُبْتَ وَلَمْ نَعْرِفْكَ إِلَّا تَوَهُّمًا ... كَأَنَّكَ نِضْوٌ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ نَهْدِ.
حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِجَبْهَاءَ الْأَشْجَعِيِّ: يَا جَبْهَاءُ، انْطَلِقْ بِنَا نَنْزِلِ الْمَدِينَةَ حَتَّى تُفْرَضَ وَتُقِيمَ بِهَا. فَأَقْبَلَ بِوَلَدِهِ وَبِإِبِلِهِ لِيَبِيعَهَا وَيَقْدَمَ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا أَوْفَى عَلَى الْحَرَّةَ وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ تَذَكَّرَتْ إِبِلُهُ أَوْطَانَهَا فَكَرَّتْ رَاجِعَةً، فَجَعَلَ يُدَوِّرُهَا نَحْوَ الْمَدِينَةِ وَتَأْبَى، فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: مَا جَعَلَ هَذِهِ الْإِبِلَ أَنْزَعَ إِلَى أَوْطَانِهَا مِنَّا؟ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْحَنِينِ مِنْهَا، أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ تَرْجِعِي، وَفَعَلَ اللَّهُ بِكِ، وَرَدَّهَا ثُمَّ خَلَفَ بِأَقْتَابِهَا يَزْجُرُهَا نَحْوُ بِلَادِهِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الكامل]
قَالَتْ أُنَيْسَةُ بِعْ بِلَادَكَ وَالْتَمِسْ ... دَارًا بِيَثْرِبَ رَبَّةِ الْأَجْسَامِ
تُكْتَبْ عِيَالُكَ فِي الْعَطَاءِ وَتَفْتَرِضُ ... وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ حَازِمُ الْأَقْوَامِ
فَهَمَمْتُ ثُمَّ ذَكَرْتُ لَيْلَ لِقَاحِنَا ... بِلَوَى عُنَيْزَةَ أَوْ بِقُفٍّ بِشَامِ
إِذْ هُنَّ عَنْ حَسْبِي مَذَاوِدُ كُلَّمَا ... نَزَلَ الظَّلَامُ بِعُصْبَةٍ أَعْتَامِ
إِنَّ الْمَدِينَةَ، لَا مَدِينَةَ، فَالْزَمِي ... حِقْفَ السِّتَارِ وَقُبَّةَ الْأَرْحَامِ
يُجْلَبْ لَكِ اللَّبَنُ الْغَرِيضُ وَيُنْتَزَعْ ... بِالْعِيسِ مِنْ يَمَنٍ إِلَيْكِ وَشَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute