للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقها من الدراسة والنظر، قال ابن عباس للحسين - رضي الله عنهم -: أخبرني إن كان وعدوك بعد ما قتلوا أميرهم، ونفوا عدوهم، وضبطوا بلادهم فسر إليهم، وإن كان أميرهم حي وهو مقيم عليهم قاهر لهم، وعماله تجبي بلادهم، فإنهم إنما دعوك للفتنة والقتال، ولا آمن عليك أن يستفزوا عليك الناس، ويقلبوا قلوبهم عليك، فيكون الذي دعوك أشد الناس عليك (١).

وهي لفتة دقيقة لم يصغ لها الحسين - رضي الله عنه - وكانت عقلانية صرفة، لا علاقة لها بالعاطفة والخوف على الحسين، وفيها إشارة إلى قوة يزيد وضعف من يريد الخروج عليه، وكان ابن عباس رضي الله عنهما أمينا ناصحا ذكيا، فلم يكن عالما بتأويل القرآن فحسب، بل أوتي من الفقه والعلم بمجريات الأحداث ما جعله يتكلم بنظر ثاقب، ورؤية دقيقة وحكمة بالغة، ولذلك ناظر الخوارج فأقام عليهم الحجة، ورجع منهم أربعة آلاف (٢)، ولو قدر للحسين - رضي الله عنه - أن يأخذ بهذه النصيحة


(١) الكامل لابن الأثير ٢/ ٥٢٦.
(٢) البداية والنهاية ٧/ ٢٨٢.

<<  <   >  >>