وقد أجمع العلماء على تحريم الخمر التي هي من عصير العنب قليلها، وكثيرها، كما اتفقوا على تحريم المسكر من الأنبذة المتخذة من غيرها، غير أنهم اختلفوا في تناول ما لم يسكر بأن يطبخ أدنى طبخ، فغلى، واشتد، وقذف بالزبد، فهل يحل شرب قدر منه ما دون السكر؟ ذهب سائر فقهاء الكوفة كأبي حنيفة، وأبي يوسف في قول، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وابن أبي ليلى، وشريك، وابن شبرمة وأكثر البصريين إلى جوازه؛ لأن المحرم من سائر الأنبذة المسكرة هو السكر نفسه لا العين. وذهب جمهور المحدثين، وفقهاء أهل الحجاز، وغيرهم إلى أن ما أسكر كثيره، فقليله حرام. وسبب اختلافهم هو تعارض الآثار، والأقيسة في هذا الباب. راجع: مختار الصحاح: ص/ ٦٤٢، والمصباح المنير: ٢/ ٥٩٠، وشرح فتح القدير: ٥/ ٣٠٥، وبداية المجتهد: ١/ ٤٧١، والإشراف: ٢/ ٣٧٦، والمحلي لابن حزم: ٨/ ٢٣٠، وما بعدها، والمغني لابن قدامة: ٨/ ٣٠٤ - ٣٠٥، ونيل الأوطار: ٨/ ١٧٥ - ١٧٩. (٢) تقدم ذكر الخلاف في متروك التسمية: ٢/ ٩٠، في هذا الكتاب، وانظر - أيضًا -: بداية المجتهد: ١/ ٤٤٨، والمنهاج للنووي: ص/ ١٤١، والمحلي لابن حزم: ٨/ ١٦٤ - ١٦٧، ١٧٣، ١٧٩، ١٨٢، ١٩٨، وفتح القدير للشوكاني: ٢/ ١٥٧.