وقد اختلفوا في قبولها، والمختار القبول: لأن مجرد الدليل لا يفيد ما لم ينتف المعارض.
وقيل: لا يقبل: لأنه قلب، وخروج مما قصداه من معرفة صحة نظر المستدل في دليله إلى أمر آخر هو معرفة صحة نظر المعترض في دليله.
الجواب: ليس مقصود المعترض إثبات نقيض الحكم حتى ينقلب المنصب، بل هدم دليل المستدل، وقصوره على صلاحية الاستدلال به، فكأنه قال: عليك أيها المستدل بإبطال ما أبديته ليسلم دليلك، وكيف يمكنه الاستدلال على نقيض الحكم، ودليله معارض بدليل المستدل؟
مثاله: المسح ركن، فيسن تثليثه، كما في الوجه، فيقول المعارض: مسح، فلا يسن تثليثه، كما في الخف، والتيمم، لا إذا استدل على خلاف الحكم. فإنه لا تنافي، فلا تقبل المعارضة.
مثاله: اليمين الغموس قول يأثم قائله، فلا يوجب الكفارة، كما في شهادة الزور، فيقال: قول مؤكد للباطل، فيوجب التعزير، كما في شهادة الزور.
وزاد المصنف على ابن الحاجب الضد (١)، ومثلوه بما إذا قيل: الوتر واجب: لأنه واظب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالتشهد، فيقول المعارض: مؤقت بوقت صلاة من الخمس، فلا يجب، بل يستحب، كسنة الفجر.
(١) هذه المسألة ذكرها الآمدي، رمن تبعه كابن الحاجب، وغيره في الاعتراضات، ويرى بعض شراح كلام المصنف أن ذكرها هنا أنسب لأنها تؤول إلى شرط في الفرع. =