للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كلام لا وجه له من وجوه:

الأول: أن الأشاعرة، وإن لم يقولوا: بأن فعله معلل بالغرض (١)، لكنهم مطبقون على أن أفعاله مشتملة على حكم، ومصالح لعباده لا تحصى.

الثاني: أن قوله: "المراد بالباعث، باعث المكلف على الامتثال"، كلام مخترع لم يسبقه أحد إليه، وكيف نطبق قول الغزالي: لا نعني بالعلة إلا باعث الشارع، على ما ذكره.

الثالث: أن الحق - في المسألة تعليل فعله تعالى بالغرض عند الأشعري -: هو عدم وجوب تعليل كل فعل منه لا سلبه عن جميع أفعاله، ولذلك شرع الحدود، والكفارات، وبهذا يندفع الإشكال عن نصوص كثيرة، نحو قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]، {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: ٣٢]، {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: ١٧٨].

وما يقال: لو كان فعله لغرض لزم الاستكمال، باطل: لأن الغرض عائد إلى العباد، لا إليه، فلا استكمال، وسيأتي في (٢) / ق (١٠٢/ ب من أ) كلام المصنف ما يدل على اعترافه به معنى، وإن لم يقل به صريحًا.


(١) الغرض: يعني المنفعة التي تعود إلى العباد.
راجع: تيسير التحرير: ٣/ ٣٠٥.
(٢) آخر الورقة (١٠٢/ ب من أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>