للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا -أيضًا- لو كان كل مجتهد مصيبًا لزم الجمع بين النقيضين، لأن المجتهد إذا غلب على ظنه الإباحة في المسألة مثلًا، فلو حصل القطع بأنّه حكم اللَّه في حقه لزم القطع بالمظنون، لأن القطع بذلك الحكم المظنون مستمر مع ذلك الظن، والفرض استمرار ظنه إذ لو زال ظنه وجب عليه الرجوع إلى ما [تعين] (١) إليه ظنه، وإذا استمر القطع، مع ذلك الظن لزم أن يكون المظنون معلومًا مقطوعًا، وهذا خلف.

لا يقال: هذا مشترك الإلزام، لأنه يرد على القائلين: بأن المصيب واحد.

بيان ذلك: أن الإجماع منعقد على وجوب اتباع الظن وما [دل] (٢) عليه الإجماع قطعي، فيكون المظنون مقطوعًا به.

لأنا نقول: الظن، والقطع لم يتواردا على محل واحد، بل القطع متعلق بوجوب العمل، والظن بالحكم، فأين هذا من ذاك؟ !

قالوا: لو كان المصيب واحدًا - وأنتم تقولون: إن المخطئ يجب عليه العمل بموجب ظنه، فنقول: إما أن يجب عليه، مع بقاء الحكم الذي في نفس الأمر في حقه، أو مع زواله، وكلاهما باطل.

أما الأول: فلاستلزامه ثبوت الحكمين في حقه، ولا شك أنهما نقيضان، فيلزم الجمع بين النقيضين، وهو محال.


(١) في (ب): "الغير".
(٢) سقط من (أ) وأثبت بهامشها.

<<  <  ج: ص:  >  >>