للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد: فإن العلوم على تكثُّر فنونها، وتَشعُّب شجونها أرفع المطالب، وأنفع المآرب.

وعلم أصول الفقه أعلاها شأنًا، وأسناها مكانًا (١)، إذ هو مبنى الفقه الذي به تعبَّد سيد المرسلين، وحث على تحصيله في الكتاب المبين: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: ١٢٢].

ولعمري إنها منقبة لا يخفى مكانها، ومكرمة يتجلى شأنها، ولقد أكثر السلف والخلف فيه من التصانيف المعتبرة، مطولة ومختصرة، وبذلوا الوسع غايته، وبلغوا الجد نهايته، ثم إني وجدت كتاب "جمع الجوامع"- الذي ألفه العلامة المحقق، والحبر المدقق، قاضى القضاة تاج الملة والدين عبد الوهاب


(١) أبرز الإمام الكوراني شرف علم أصول الفقه من جهة مدى الحاجة إليه تبعًا للفقه. لكن حجة الإسلام الإمام الغزالي أبرز شرفه من جهة اشتراك العقل والنقل فيه حيث قال: "وأشرف العلوم ما ازدوج فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع، وعلم الفقه وأصوله من هذا القبيل، فإنه يؤخذ من صفو الشرع والعقل سواء السبيل، فلا هو تصرف بمحض العقل بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول، ولا هو مبني على محض التقليد الذى لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد"، وأبرز بعضهم شرفه من جهة عموم موضوعه لحاجة المفسر، والمحدث، والفقيه إليه.
والحق: أن التفاضل بين علوم الشريعة أمره عسير لحاجة العالم منها لسائر العلوم الشرعية.
وإن كان ولا بد من ذلك فعلم التوحيد أشرفها، وذلك لشرف موضوعه وهو ذات الله، تعالى وتقدس.
راجع: المستصفى: ١/ ٣، ونهاية السول: ١/ ٢، والإبهاج: ١/ ٥ - ٦، والمعتمد: ١/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>