للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السبكي، ألبسه الله حلل الغفران، وأسبل عليه شآبيب الرضوان- أجمع للقواعد، وأوسع للفرائد والفوائد، مع سلاسة تراكيبه، ورشاقة أساليبه، ولم يقع له شرح يكشف عن مخدراته نقابها، ويستخرج الصعاب عن شعابها (١)، ولم يزل يختلج في خلدي أن أضع له شرحًا يوضح مشكلاته، ويظهر معضلائه، ويبين مجملاته، وكان يعوقني عن ذلك اشتغال البال، واضطراب الحال، إذ التقدير كان يسيرني تارة إلى الغرب، وأخرى إلى الشرق، وآونة إلى الطول، وأخرى إلى العرض، كأنما أنا مرحل ومرتحل، موكل بفضاء الأرض أذرعه، إلى أن يسر الله، -وله الحمد- الحلول بأشرف بلاد الأرض المقدسة (٢)، التي هي على تقوًى من الله مؤسسة (٣)،


(١) قلت: هذه وجهة نظر الشارح رحمه الله تعالى، وإلا فإن الكتاب قد شرحه، وحل ألفاظه عدة علماء منهم الجلال المحلي، والزركشي، والعراقي، والأشموني، وغيرهم كما تقدم في الكلام على جمع الجوامع وشروحه ص/ ٩٦ - ١٠٧، ١٤١ - ١٤٤.
(٢) يعني بيت المقدس، ولعله يريد بالتفضيل بالنسبة لأرض فلسطين، وأن أشرفها هو القدس لأنه من المعلوم أن مكة هي أشرف البقاع، ثم المدينة المنورة على خلاف فيهما، ثم المسجد الأقصى بعدهما في الفضل لحديث: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" ولحديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى".
راجع الخلاف فيما سبق: شرح النووي على مسلم: ٩/ ١٦٣ - ١٦٨.
(٣) اقتباس من الآية الكريمة في قوله تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: ١٠٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>