للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: يحدث التوسم شيئًا فشيئًا؛ أي: نذكرك بأوصافك الحسنى شيئًا فشيئًا، وإلى ما ذكرنا يشير قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أُحصي ثناءً عليك" (١)، إذ الإحصاء: هو العَدُّ، ويلزمه ذلك، ولو اختار الاسمية- كما اختارها غيره (٢) لكان لائقًا بالمقام (٣) أيضًا، إذ هي تفيد الاستمرار الثبوتي بمعونة المقام لكن أراد نسبة الحمد إلى نفسه صريحًا، والحمد ليس عبارة عن قول القائل: الحمد لله، بل هو الوصف بالجميل الاختياري على قصد التبجيل،


(١) عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقدتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الفراش، فالتمسته، فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان، وهو يقول: "اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أُحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" كما روى عن غيرها.
راجع: مسلم: ١/ ٣٥٢، والموطأ: ١/ ٢١٤، ومسند أحمد: ٦/ ٥٨، وسنن أبى داود: ٢/ ١٣٤، وسنن الترمذي: ٥/ ٥٦١، رقم ١٧٤٧، وسنن النسائى: ٣/ ٢٤٨، وسنن ابن ماجه: ١/ ٣٥٨ - ٣٥٩، ومعنى الحديث: لا أُحصي نعمتك، والثناء بها عليك، وإن اجتهدت في الثناء عليك شيئًا فشيئًا، فلا نهاية للثناء عليك؛ لأن الثناء تابع للمثنى عليه، فكما لا نهاية لصفاته، فلا نهاية ولا حصر للثناء عليه لكثرة نعمه التي لا تحصى، ولا تعد.
(٢) كالغزالي، والرازي، والآمدي، وغيرهم.
راجع: المستصفى: ١/ ٢، والمحصول: ١ / ق / ١/ ٨٩، والإحكام: ١/ ٣.
(٣) ذكر الزركشي أن الجملة الاسمية مسلوبة الدلالة على الحدث وضعًا، ولو اختار المصنف الجملة الاسمية تأسِّيًا بالقرآن الكريم لكان أنسب؛ لأنه تعالى قديم لم يحدث ولم يتجدد. وهذه هي معونة المقام التي يريدها الشارح.
راجع: تشنيف المسامع: ق (١ / ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>