للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأول: فلأنه فاعل بالاختيار يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، ومن كان شأنه هذا لا يتصور في حقه لزوم شيء.

وأما قوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: ٥٤]، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: ٤٧] فليس محل النزاع، إذ ذلك اللزوم إنما نشأ من وعده السابق، واللَّه لا يخلف الميعاد (١).


= الأول: اللطف، وفسروه بأنه الذي يقرب العبد إلى الطاعة، ويبعده عن المعصية كبعثة الأنبياء.
الثاني: الثواب على الطاعة، لأنه مستحق للعبد.
الثالث: العقاب على المعصية زجرًا عنها، فإن تركه يساوي بين المطيع والعاصي، مع ما فيه من الإغراء للعصاة على المعصية، وهذه تقدم ذكرها.
الرابع: الأصلح للعبد في الدنيا.
الخامس: العرض عن الآلام، لأن الألم عندهم إن وقع جزاء لِمَا صدر من العبد من سيئة لم يجب على اللَّه عوضه، وإلا فإن كان الإيلام من اللَّه وجب العوض، وإن كان من مكلف آخر، فإن كان له حسنات أخذ من حسناته، وأعطى المجني عليه عوضًا لإيلامه له، وإن لم يكن له حسنات وجب على اللَّه تعالى إما صرف المؤلم عن إيلامه، أو تعويضه من عنده بما يوازي إيلامه.
راجع الخلاف في هذه المسألة بين الجمهور، والمعتزلة، ثم بين المعتزلة أنفسهم: الإرشاد للجويني: ص/ ٢٣٦ - ٢٥٦، والمواقف: ص/ ٣٢٨ - ٣٣٠، وشرح المقاصد: ٤/ ٣٢١ - ٣٣٤، وشرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ص/ ٦١١، ٦٤٤ - ٦٤٧، والمحصل للرازي: ص/ ٢٩٥.
(١) فهذا الوعد محض إحسان، وإنعام، وتفضل منه سبحانه وتعالى، لا إيجاب، وإلزام. إذ كيف يتصور الوجوب عليه، ولا حكم إلا له سبحانه.
راجع: تشنيف المسامع: ق (١٧٥/ أ)، والغيث الهامع: ق (١١٧/ أ)، والمحلي على جمع الجوامع: ٢/ ٤٢٢، وهمع الهوامع: ص/ ٤٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>