وأما من لعن، وقبح مطلقًا، فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الأمر بين لعن الغيظ، ولعن الاعتقاد. وأما من اقترن بسبهم دعوى أن عليًا إله، أو أنه كان هو النبي، وإنما غلط جبريل في الرسالة، فهذا لا شك في كفره، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره، وكذلك من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات، وكتمت، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة، ونحو ذلك، وهؤلاء يسمون القرامطة، والباطنية، ومنهم التناسخية، وهؤلاء لا خلاف في كفرهم، وكذلك من جاوز في سبهم إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا نفرًا قليلًا لا يبلغون بضعة عشر نفسًا، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضًا في كفره، لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضا عنهم، والثناء عليهم، وأنهم {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] وخيرها هو القرن الأول، وغير ذلك. وبالجملة فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره، ومنهم من لا يحكم بكفره ومنهم من تردد فيه، وذكر هذا التفصيل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه. راجع: الصارم المسلول على شاتم الرسول: ص/ ٥٦٧ - ٥٨٧. (٢) للحديث الوارد في ذلك وقد تقدم ٣/ ١١٢ - ١١٣، التعليق (٣).