للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يجب الإيمان به براءة عائشة رضي اللَّه عنها، من كل ما يشينها مما نسب إليها أهل الإفك. نطق بذلك التنزيل على أبلغ وجه (١).


(١) ملخص قصة الإفك أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذ أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فلما أراد التوجه إلى غزوة بني المصطلق، وهي غزوة المريسيع أقرع بينهن، فخرجت القرعه على عائشة، فتوجهت معه، وعند رجوعهم منها ضاع عقدها، فتخلفت في طلبه، فحملوا هودجها ظنًا منهم أنها فيه، وساروا فرجعت إليهم، فلم تجدهم، فمكثت مكانها، فأخذها النوم، فمر بها صفوان بن المعطل، وكان يعرفها قبل نزول آية الحجاب، فأناخ ناقته، وولاها ظهره، وحملها عليها حتى لحق بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرموها به، والذي تولى معظم إنشاء الإفك، ونشره هو عبد اللَّه ابن أبي ابن سلول لعنه اللَّه حتى إن ضعفاء المسلمين جعلوا يرددون ذلك نقلًا من المنافقين، فشق ذلك على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجمع الصحابة، وقال: "يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فواللَّه ما علمت على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلًا ما علمت عليه إلا خيرًا"، فأنزل اللَّه في براءتها قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} إلى قوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: ١١ - ٢٦].
ولذلك انعقد على براءتها إجماع الأمة، فمن جحد براءتها، أو شك فيها كفر بلا خلاف لتكذيبه للقرآن، والسنة.
وأما من سب غير عائشة من أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالأصح أنه كقذف عائشة رضي اللَّه عنها بلا فرق، لأن فيه أذى، وعارًا، وغضاضة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
راجع: صحيح البخاري: ٥/ ١٤٧ - ١٤٨، وصحيح مسلم: ٨/ ١١٢ - ١١٩، وتحفة الأحوذي: ٩/ ٢٩ - ٣٧، وسنن ابن ماجه: ٢/ ١٢٠، والصارم المسلول على شاتم الرسول: ص/ ٤٥ - ٥٣، ٥٦٥ - ٥٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>