ومعنى كلام المصنف أن العلة، والسبب في الاحتياج أيًا ما كان من هذه الأمور يوجب احتياج الممكن حال بقائه إلى المؤثر، لأن الإمكان، والحدوث لا زمان للموجود الحادث.
قيل: لو احتاج حال البقاء، فالتأثير إما في الحاصل، وهو محال، أو في المتجدد، وليس ذلك تأثيرًا في الباقي.
قلنا: تأثيره في المتجدد، وهو الوجود بالإضافة إلى الزمان الثاني، وهو تأثير في الباقي، لأنه أفاده لدوام وجوده، إذ لو زال المؤثر لانتفى ذلك الدوام.
وقد فهم بعضهم (١): أن مراد المصنف من هذا الكلام الرد على الفلاسفة، فإنهم لم يقولوا باحتياج الباقي إلى المؤثر.
وليس كما فهمه: لأن مذهب الفلاسفة أن الإمكان علة الاحتياج، ولا شك أنهم مجمعون على أن الإمكان ذاتي للممكن لا يفارقه، بل مراد المصنف أنه على كل تقدير يلزم احتياج الباقي، وأعجب من هذا أنه بنى مسألة الحال على هذا.
قوله:"والمكان".
أقول: لا خفاء في ثبوت شيء ينتقل منه الجسم، وإليه، ويسكنه بحيث لا يسعه غيره، وهو المعني بالمكان، وإنما النزاع في حقيقته ما هي؟
(١) جاء في هامش (أ): "الزركشي". راجع: تشنيف المسامع: ق (١٨٤/ ب).