وذهب فريق آخر إلى الغلو فيهم مدعيًا أنهم أفضل الخلق بعد الأنبياء، وقد ذكر شيخ الإسلام أن كلا الفريقين على خطأ بين إفراط وتفريط، والصواب: أن الصوفية مجتهدون في طاعة اللَّه تعالى كغيرهم، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد، فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب، أو لا يتوب، ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه عاص لربه علمًا بأنه قد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع، والزندقة، وهم ليسوا منهم في شيء، وقد أنكر عليهم أهل التحقيق من الصوفية كسيد الطائفة الجنيد بن محمد رحمه اللَّه تعالى، ثم صارت الصوفية بعد ذلك ثلاثة أصناف: صوفية الحقائق: وهم أهل الطبقة الأولى من الزهد، والاتباع للكتاب، والسنة. وصوفية الأرزاق: وهم الذين وقفت عليهم الوقوف، ولكنهم يتصفون بالعدالة الشرعية بحيث يؤدون الفرائض، ويجتنبون المحارم، ويتأدبون بآداب أهل الطريق الشرعية لا البدعية، ولا يتمسكون بفضول الدنيا. وصوفية الرسم: وهم المقتصرون على النسبة، فهمهم في اللباس، والآداب الوضعية. راجع: مجموع فتاوى شيخ الإسلام: ١٠/ ٣٦٨، ١١/ ١٧ - ٢٠، وشرح جوهرة التوحيد: ص/ ٢١٠ - ٢١٣.