للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبصر، ويده التي بها يبطش، واتخذه اللَّه وليًا إن سأله أعطاه، وإن استعاذ به أعاذه (١).

واعلم أن هذا الحديث الذي أورده المصنف من الصحيح المتفق على صحته، ومن الأحاديث التي اختلف فيها الخلف والسلف (٢)، ونحن نذكر


(١) روى البخاري، وأحمد، وغيرهما عن أبي هريرة، وعائشة رضي اللَّه عنهما فعند البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه قال: من عادى لي وليًا، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته" وعند أحمد عن عائشة: "من أذل لي وليًا فقد استحل محاربتي. . .".
راجع: صحيح البخاري: ٨/ ١٣١، ومسند أحمد: ٦/ ٢٥٦.
(٢) قد استشكل ظاهر هذا الحديث إذ كيف يكون الباري جل علا سمع العبد، وبصره ويده إلخ؟
فأجاب العلماء على ذلك بوجوه كثيرة، ليردوا على الاتحادية الذين زعموا أن الحديث على ظاهره، وحقيقته، وأن الحق عين العبد محتجين بمجئ جبريل في صورة دحية، وهو روحاني خلع صورته، وظهر بمظهر البشر، فاللَّه أقدر على أن يظهر في صورة الوجود الكلي، أو بعضه، تعالى اللَّه عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا، وملخص الوجوه التي حمل أهل الحق ظاهر الحديث عليه هي كالآتي:
أحدها: المراد منه التمثيل والمعنى يؤثر طاعتي، ويحب خدمتي كما يحب هذه الجوارح.
ثانيها: أن المعنى كليته مشغولة بذاتي، فلا يسمع إلا ما يرضيني، ولا يرى إلا ما أمرته به إلخ.
ثالثها: المعنى أجعل له مقاصده كأنه ينالها بسمعه، وبصره. =

<<  <  ج: ص:  >  >>