للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المصنف: ذاك الذي جهله فوق جهل الجاهلين (١)، لأنه أضل من الأنعام، ولا يتصور جهل فوق هذا.

أو قل: من ترك عيش الآخرة، ونعيمها الدائم، وركن إلى الدنيا الفانية، واطمأن بها هو الذي جهله لا يكتنه كنهه، ولا يقادر قدره، وقد ورد أن الآخرة لو كانت من الخزف الباقي، والدنيا من الذهب الفاني، فكان الواجب على من له مسكة (٢) من العقل اختيار الباقي (٣)، فكيف


(١) أخذًا من بيت قاله عمرو بن كلثوم في معلقته التي يذكر فيها أيام بني تغلب ويفتخر بهم، والتي مطلعها:
ألا هبي بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقي خمور الأندرينا
إلى قوله:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
راجع: شرح المعلقات السبع: ص/ ٩٤، ١٠٢.
(٢) المسكة على وزن غرفة، وهو من الطعام، والشراب ما يمسك الرمق، ويقال: ليس لأمره سكة، أي: أصل يعول عليه، وليس له، مسكة، أي: عقل، وليس به مسكة، أي: قوة.
راجع: المصباح المنير: ٢/ ٥٧٣، ومختار الصحاح: ص/ ٦٢٤ - ٦٢٥.
(٣) هذا من كلام الفضيل رحمه اللَّه تعالى وليس أثرًا كما قد توهمه العبارة.
راجع الإحياء: ٣/ ٢٠٧، والأحاديث الواردة في ذم الدنيا التي تلهي العبد عن ربه كثيرة كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر اللَّه وما ولاه، وعالم، أو متعلم"، وقوله: "لو كانت الدنيا تعدل عند اللَّه جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء".
راجع: سنن الترمذي مع التحفة: ٦/ ٦١١، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>