فالحدوث أولى: لأنه متفرع عليه، وأقرب إلى العباد منه لكان -في الجملة- وجهًا.
ثم نقول: لما كان الإنسان مدنيًا -بالطبع- لا بد له في أمر المعاش، والمعاد من مشاركة، مع بني نوعه تعليمًا، وتعلّمًا في المعاملات، والعبادات -أقدره الله بلطفه على الصوت، وتقطيعه ليدل بني نوعه على ما في ضميره بأسهل ما يكون، وهو خروج النفس الضروري الذي لا يحتاج فيه إلى مؤنة، ومشقة، مع عموم الفائدة لتناوله الموجود، والمعدوم، والمحسوس، والمعقول، ووجوده لدى الحاجة، وانتفائه لدى انقضائها، ولما كان التفكر في هذا من أفضل العبادات -مع أن الحاجة داعية إليه في هذا الفن- صدر البحث بأنه من لطف الله تعالى، وأشار إلى أنه أَفْيد، وأيسر من الكتابة، والإشارة كما قدمناه.
وأخذ في تعريف الموضوعات، فقال: هي الألفاظ الدالة على المعاني، فخرج -بقيد الألفاظ-: الدوال الأربع، وهي: الخطوط، والعقود، والإشارة [والنصب](١) أو بالدلالة على المعنى المهمل، فإنه لفظ: لأن اللفظ صوت يعتمد على المخرج حرفًا، فصاعدًا، مهملًا كان، أو مستعملًا، وكل المفرد، والمركب، وسيأتي تحقيق معنى الوضع في المركب إن شاء الله تعالى.