للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرق بين هذه الدلالات: أن الأخيرة، أي: دلالة الصور الذهنية على الأمور الخارجية دلالة طبيعية لا يختلف فيها الدال، ولا المدلول، وفي الباقيتين وضعية، تختلف باختلاف الأوضاع إلا أن العلاقة بين العبارة، والصور الذهنية أشد من العلاقة بين الكتابة، والعبارة.

ومنشؤه كثرة الاحتياج: إذ النفس تعودت باستفادة المعنى من اللفظ حتى إن المفكر في المعنى وحده يجري اللفظ الذي يريد تصور معناه على لسانه كأنه يناجي نفسه.

فقد ثبت: أن الصور الذهنية هي مدلولات الألفاظ، وهي منطبقة على ما في الخارج إن كان للمتصور خارج.

والذي يحسم مادة الشبهة: أن الإنسان لفظ موضوع بإزاء الحيوان الناطق، ودلالته على المجموع مطابقة، وعلى كل واحد من الأجزاء تضمن، والمطابقة مفسرة بدلالة اللفظ على تمام ما وضع له.

ولا شك: أن الحيوان، والناطق صورتان ذهنيتان، والأمور الخارجية (١)، -زيد، وعمرو، وبكر- ليس للفظ الإنسان عليها دلالة، بل الصور الذهنية منطبقة عليها، فقد تحقق أن الموضوع له اللفظ هي الصور الذهنية لا المعاني الخارجية، كما اختاره المصنف، ولا المعنى من حيث هو على ما ذهب إليه والده، ويجيء لهذا زيادة بسط في بحث المجاز إن شاء الله تعالى.


(١) جاء في هامش (أ): "دلالة" أشار إلى أن محلها بعد الخارجية.

<<  <  ج: ص:  >  >>