للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفعل القسم إذ يصح أن يكون بدلًا عن المقسم به، فيكون معنى الكلام أقسم بالليل لا مطلقًا، بل بوقت غشيانه، وطمسه آثار النهار، وإزالته الأنوار الساطعة، الشاملة للجو، والبر، والبحر، فإنه من الآيات الباهرات الدالة على القدرة القاهرة، ومثله يقسم به لا مطلق الليل، أو يقدر مضاف قبل الليل، أي: وعظمة الليل وقت غشيانه.

وكذلك القسم بالنجم حين سقوطه إذ يدلُّ على أنه مقهور تحت القدرة ليس له اختيار في حركاته، ومثل [ذلك] (١) الجرم المنير العظيم بعد كونه تجتليه أبصار الناظرين يصير مفقودًا كأن لم يكن شيئًا مذكورًا آية لا تخفى على أحد، فيلائم أن يكون مُقْسَمًا به.

وأما ثانيًا: فلأنه علل عدم الجواز بقوله: فلأن قَسَمه تعالى قديم، وإذا كان قَسَمه قديمًا، فقد وقع فيما فَرَّ منه: لأنه يكون "إذا" مستقبلًا [قطعًا] (٢) لحدوث الأزمان، والأوقات، والنجم، بل جميع الكائنات ما عدا الذات، والصفات، على أنك، وإن جعلت "إذا" للحال، فالإشكال باق: لأن قَسَمه لم يقع وقت غشيان الليل، فلا يصح الكلام إلَّا بأحد التقديرين على ما ذكرنا، وكون المُقْسَم به مستقبلًا، والقسم قديمًا لا مانع منه لقوله: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ} [الحجر: ٧٢]، وقولِه: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: ١].


(١) سقط من (ب) وأثبت هامشها.
(٢) سقط من (ب) وأثبت هامشها.

<<  <  ج: ص:  >  >>